
«شبكة دار نيوز الإعلامية – شيرين حسن»
بعد التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة التي طرأت على سوريا عقب سقوط النظام البعثي في 8 ديسمبر 2024، وفيما يتعلق بالمجلس الوطني الكردي بخصوص انسحابه من صفوف الائتلاف السوري، يعمل المجلس في مرحلة جديدة اليوم للبحث حول التراجع والتقدّم السياسي وكيفية تحقيق سياسة خاصة بهم في هذه المرحلة، وذلك نتيجة الخلاف والبلبلة داخل صفوف الخط الأول في المجلس الوطني الكردي وخاصةً في الاجتماع الذي عُقد في مكتب حزب حركة الإصلاح بحضور عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي ومدير العلاقات “نايف جبيرو”، إضافةً إلى المدعو “أكرم حسين” و “فيصل يوسف” المتحدث باسم المجلس و”كاظم خليفة” مسؤول الإعلام في الوطني الكردي.
وفي هذا السياق؛ تباينت الآراء بين قيادات الصف الأول في المجلس الوطني الكردي لتصل في النهاية إلى حدوث بلبلة داخل الاجتماع، حيث رأى البعض أنَّ المجلس خرج من صفوف الائتلاف وتكبّد خسائر فادحة كونهم لم يُحدّدوا لأنفسهم مستقبلاً، ولم يستمعوا إلى دعوات وحديث الشارع الكردي، وذلك رداً على “كاظم خليفة” الذي قال بأنَّ “دعوات وحديث الشارع والمجتمع الكردي ليس مهماً بالنسبة لهم”.
كما تحدّث “نايف جبيرو” و “أكرم حسين” أيضاً وتطرقا إلى أنَّ سياسة المجلس الوطني الكردي لم تكن جيدة وها نحن اليوم نرى بأنها أصبحت سبباً للخسائر، كما أننا فقدنا دعم الشارع الكردي للمجلس وهذه إحدى خسائرنا. إلا أنَّ فيصل يوسف قدَّم بعض الأعذار لكونه الناطق باسم المجلس الوطني الكردي.
ورغم أن البعض من قيادات الصف الأول في المجلس الوطني الكردي قد أعلنوا في اجتماعهم المذكور آنفاً بأن خروج المجلس من الائتلاف قد كبّدهم خسائر فادحة كونهم بقوا ضمن صفوفه لأكثر من إحدى عشر عاماً وخرجوا في نهاية المطاف خالي الوفاض، أو كما يقول المثل الشعبي “إيد من ورا وإيد من قدام”. ولكن رغم اعتراف البعض بما اقترفوه من كارثة ورغم أن رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني الذي يدعم المجلس الوطني الكردي منذ تأسيسه قد دعا إلى أهمية توحيد الصف الكردي في سوريا وتوجه الكرد إلى دمشق “موحدين”، وهو ما يتطابق دعوات الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية بضرورة الاتفاق وتمكين الصف الكردي، إلا أن القياديان عبد الحكيم بشار وإبراهيم برو توجّها بمفردهما إلى دمشق والتقيا المرتزق حسن الدغيم رئيس لجنة ما يسمى الحوار الوطني السوري وذلك قبل تشكيل أي وفد كردي موحد وهذا ما يؤكد أن قيادات المجلس البارزين يحاولون إعادة ما قاموا به طيلة أكثر من عقد من الزمن وهو محاربة الإدارة الذاتية التي تواصل جهودها الجبارة في الدفاع عن شمال وشرق سوريا بشكل عام وحماية مكتسبات الشعب الكردي في سوريا بشكل خاص.
اليوم وبعد مرور نحو 11 عاماً على انضمام المجلس الوطني الكردي في سوريا إلى صفوف ما يُسمّى “الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية” وذلك في 10/11/2013 بمدينة إسطنبول ومنذ ذاك الوقت ادّعى الوطني الكردي أنه يُمثّل الكُرد في سوريا في المشهد السياسي بهدف حل القضية الكردية ضمن إطار وطني جامع، لكن لم يُخفى على أحد وحتى أنصار المجلس الوطني الكردي أن المجلس لم يُحقق أي فائدة تصب في مصلحة الشعب الكردي في سوريا طيلة تواجده ضمن الائتلاف، حيث كان تواجده كارثة أضرّت بالكُرد نتيجة تأييده العلني لاحتلال تركيا للمناطق الكردية وفي مقدمتها عفرين إلى جانب سري كانية وكري سبي وتغطيتها على جرائم الحرب من قتل وخطف وتعذيب التي مارستها ولا تزال تمارسها تركيا ومرتزقتها بحق الكرد في المناطق المذكورة وتصويرها تحت بند (حالات فردية)، عدا عن عمليات التغيير الديمغرافي الممنهجة وتهجير الكرد من قراهم لتشكيل حزام تركماني بالدرجة الأولى وعربي بالدرجة الثانية.
وفي 7 فبراير / شباط الجاري، أعلن المجلس الوطني الكردي في سوريا انسحابه من الائتلاف السوري، مشيراً إلى أن مرحلة جديدة قد بدأت في دمشق.
ورغم أن بيان الوطني الكردي الذي حاول الرفع من شأن مجلسه عبر ذكر مصطلح “الانسحاب” إلا أن ذلك لم يمنع المثقفين والصحفيين والإعلاميين ونشطاء الإعلام وعموم الشارع الكردي من تداول خبر هذا “الانسحاب” بسخرية كبيرة واصفين أن المجلس اتّخذ هذا القرار بعدما قرّر الائتلاف السوري بـ “حل نفسه” ما يعني أن قرار انسحاب المجلس الوطني الكردي لم يأتِ بناءً على رؤية وطنية أو نتيجة الجرائم المرتكبة بحق الكرد من قبل مرتزقة ما يسمى الجيش الوطني السوري وغطائه السياسي المسمى بالائتلاف وإنما جاء نتيجة عدم وجود أيَّ داعٍ لوجود الائتلاف نفسه.
وما يؤكد أن قرار انسحاب المجلس لم يكن وطنياً هو خروج الناطق باسم المجلس الوطني الكردي “فيصل يوسف” في بيان مصور واستمرار المدح بما يسمى الائتلاف على حساب آلام وأوجاع الشعب الكردي الذين عانوا الويلات من قبل الائتلاف ومرتزقة الجيش الوطني وداعمهم الاحتلال التركي حيث قال “يوسف” أن الائتلاف تأسس كإطار سياسي بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوري في التغيير وإسقاط النظام الاستبدادي، حيث حظي باعتراف دولي واسع . وبناء على ذلك انضم المجلس الوطني الكردي إليه بموجب وثيقة تضمنت رؤية واضحة لمستقبل سوريا، والتزاماً بالعمل لحل عادل للقضية الكوردية ضمن إطار وطني جامع.
وتابع “فيصل يوسف” تزويره للحقائق على الأرض بالقول: كما ساهم الائتلاف في تعزيز البعد الوطني للقضية الكوردية عبر مختلف الأطر السياسية.
تأسّس المجلس الوطني الكردي في سوريا (ENKS) في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، في هولير / أربيل، عاصمة إقليم كردستان وادّعى منذ ذاك الحين أنه يُمثّل الكُرد في سوريا في المشهد السياسي، ولكن ما قام به المجلس لم يكن سوى عمالة واضحة للجميع حتى أن المجلس انتهى في نظر أنصاره منذ احتلال تركيا لعفرين في مارس/آذار 2018، لأن أعضائه فضلوا مصلحتهم الحزبية على مصلحة الكرد في عفرين، فضلاً عن اتهام المجلس لوحدات حماية الشعب التي دافعت عن الكرد بالإرهاب”، في حين وصفت مرتزقة الاحتلال التركي الذين نكّلوا بأهالي عفرين وارتكبوا بحقهم المجازر بأنهم “محررين”…!