«مركز الأخبار – شبكة دار نيوز الإعلامية»
وائل الغانم
لم يُغيّر النظام السوري من عقلية الإنكار والإقصاء والتي كانت سبباً رئيسياً في ما آلت إليه الأوضاع في سوريا من دمار وقتل وتهجير وسوء الأوضاع الاقتصادية بشكل رهيب رغم مرور أكثر من عقد على الزمن واستمرار وصف النظام ما يجري بـ «المؤامرة الكونية» في محاولة لإقناع الفئة المؤيدة وغيرها أنها غير مسؤولة عما يجري من كوارث بحق الشعب السوري والبقاء على سدة الحكم بهذه الطريقة.
رغم المناشدات التي خرجت من قبل المعارضة الداخلية والإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية الاحتكام إلى لغة الحوار وإجراء إصلاحات سياسية ورغم تقديم حلول لإنقاذ الشعب السوري الذي يعاني منذ سنوات من حرب ضروس عبر اللجوء لحل سياسي مستدام وفق برنامج سياسي طُرح من قبل الإدارة الذاتية من أجل وقف نزيف الدم وكذلك نزيف الانهيار الاقتصادي وذلك عبر الحوار البناء مع الإدارة الذاتية التي أعلنت مراراً وتكراراً أنه يجب أن يكون الشعب في سلم أولويات الحوار إلا أن النظام أبى الإصغاء إلى هذه الدعوات ولا يزال يواصل التعنت في ذلك ويأبى أن يغير من عقليته التي دمرت سوريا وأوصلت بشعبها إلى حافة الهاوية كون أن الأمر لا يمس الطبقة الحاكمة والمربين منها حيث يعيشون في رخاء اقتصادي كامل ولا يزال نظام الأسد يواصل إرسال الأموال لحساباتها الشخصية في البنوك الأوربية بينما يعاني الشعب الأمرين خاصةً مع ارتفاع الدولار بشكل جنوني.
بعد كارثة الزلزال المدمّر الذي تأثر به مناطق ومحافظات سورية عديدة، قدّمت الدول الأوربية ودول الخليج الكثير من المساعدات سواءً المادية أو الإغاثية إلا أن الشعب السوري لم يرى إلا جزء يسير جداً منها (المساعدات الإغاثية فقط) تقدّر بنحو عشرة بالمئة فقط في حين ذهبت الأموال جميعها والمساعدات الإغاثية الأخرى لصالح نظام الأسد والمافيا المرتبطة بها ولعلّ مقاطع الفيديو أثبتت بيع المساعدات في الأسواق بدل أن تصل لمستحقيها.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فالروس والإيرانيين اللذان سيطرا على مقدرات الشعب السوري بعد أن باع النظام السوري مرافق وثروات سوريا من مطارات وموانىء ومناجم الفوسفات والغاز لهما وفق عقود تصل لنحو خمسين عاماً مقابل أموال أُرسلت لصالح النظام في بنوك الخارج دون أن يستفيد منها الشارع السوري مقدار أنملة، ورغم أن المحروقات من مازوت وغاز وبنزين في مناطق سيطرة النظام السوري تكفي الشارع السوري في تلك المنطقة ولكنهم يعانون من ارتفاع جنوني في الأسعار حتى وصل الأمر بالنظام إلى رفع الدعم عنها مؤخراً، علماً أن إنتاج النفط يومياً يبلغ ٨٠ ألف برميل، ورغم ذلك فإن الإدارة الذاتية ترسل بشكل مستمر حصة هذه المناطق من المحروقات ولكن النظام يستحوذ عليها أيضاً بل ويعمل على تشويه الحقائق ويهاجم عبر إعلامه بشكل دائم ويصف قسد بأنها تسرق النفط السوري وذلك لخداع السوريين في مناطقها، فالإدارة الذاتية أعلنت مراراً وتكراراً أن النفط هي لكل السوريين ورغم أن الإنتاج ليس كما قبل عام ٢٠١١ وانخفض إلى ما دون النصف ولكنها ترسل الحصة إلى تلك المناطق لكن النظام السوري وتجار الحرب المرتبطين بها يستحوذون عليها.
ليس هذا فحسب، ففي الآونة الأخيرة ورغم مساعي الدول العربية وفي مقدمتهم السعودية والإمارات التطبيع مع النظام السوري ودفعهم مبلغ ١٨٠ مليون دولار بهدف توقيف النظام السوري لتجارة الكبتاجون، إلا أن روسيا وإيران استحوذتا على تلك المبالغ تحت بند الديون.
ما يتعرض له السوريين في مناطق النظام السوري هو أن فئة قليلة تزداد غنى والشعب يزداد فقراً وشعار النظام الذي أكل عليه الدهر هو المؤامرة الكونية، فمن لم يقتل برصاص قوات النظام السوري على مدار كل هذه السنوات بات من المؤكد أنه سيموت جوعاً بسبب تعنت النظام السوري وقراراته التي لا تصب في صالح السوريين، ولا يقتصر الأمر على ذلك فإن الفقر سيؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباه ومثلما يقول المثل الشعبي الشهير «الجوع كافر» لهذا فإن الجوع والفقر سيجلب معهما جرائم ومشكلات اجتماعية عديدة حيث تنتشر وستنتشر جرائم القتل والسرقة بشكل رهيب ما يعني أن البلاد تتجه إلى مرحلة أكثر خطورة دون قبول هذا النظام بأي حل سياسي.