منذ أن بدأ العدوان التركي على منطقة عفرين، شمال غربي سوريا، في العشرين من يناير 2018 كان الهدف التركي واضحاً بأنه يسعى بكل جهده لتغيير ديمغرافية عفرين، حيث صرّح حينها رئيس دولة الاحتلال التركي، رجب طيب أردوغان أنه يسعى من خلال عدوانه إلى إعادة سكان المنطقة الأصليين إليها وأن هذه المنطقة -أي عفرين- هي منطقة عربية لا يتجاوز عدد الكرد فيها عتبة الـ35 بالمئة، لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها فإن المنطقة هي كردية وسكانها من الكرد الذي يتجاوز نسبتهم قبل الاحتلال التركي بنسبة الـ98 بالمئة، كما أن الإحصاء السكاني الذي يعود للعام 2010 يؤكد أن الكرد في عفرين تبلغ نسبتهم 523,258 نسمة.
ومع وقوع عفرين تحت الاحتلال التركي ومرتزقته لم تنته عمليات التغيير الديمغرافي في عفرين بل ازدادت وتيرتها من خلال القيام بجرائم القتل والتعذيب والخطف لدفع من تبقى من الكرد للخروج من منازلهم، كما باشرت تركيا ببناء أول مستوطنة في العام 2018 لتوطين العرب والتركمان ومرتزقته مع عوائلهم، لتبلغ عدد المستوطنات إلى يومنا هذا نحو ثلاثين مستوطنة، وبذلك انخفض عدد سكان المنطقة الكرد الأصليين من 98 بالمئة إلى مادون الـ 20بالمئة أي أقل بما صرح به حتى رئيس دولة الاحتلال التركي نظراً لحجم الجرائم التي ارتكبها ولا زال يرتكبها الاحتلال التركي ومرتزقته بحق الكرد الذي لم تسلم منه القاصرات أيضاً من عمليات اغتصاب ممنهجة يندى لها جبين البشرية.
ورغم صدور العديد من التقارير الدولية بما فيها تقرير لجنة تحقيق الدولية التي أكدت على ارتكاب تركيا ومرتزقتها لجرائم حرب في منطقة عفرين المحتلة، إلى جانب مساعيها الواضحة في عملية التغيير الديمغرافي من خلال ترحيل السوريين من أراضيها إلى سوريا قسراً.
كما أكد تقرير أعده وفد برلماني بريطاني وأعضاء في البرلمان الأوروبي، ارتكاب تركيا لجرائم حرب في سوريا، ضمن المخطط التركي لضم الشمال السوري بعد احتلال مدينة عفرين السورية.
التقرير كشف أيضاً عن مخطط تركيا لضم الشمال السوري، وذلك عبر تغيير “تتريك” المنطقة، من خلال تغيير التركيبة السكانية هناك.
أما منظمة “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية أكدا أيضاً في تقريرين منفصلين توثيقها لعملية التغيير الديمغرافي الذي يقوم به جيش الاحتلال التركي ومرتزقته في منطقة عفرين بعد احتلال أغلب قراها مع مركز المدينة.
وتناولت منظمة هيومن رايتس ووتش والتي تختص بالدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لها موضوع استيلاء جيش الاحتلال التركي على ممتلكات المدنيين ونهبها وتدميرها بالإضافة لإشارتها لموضوع التغيير الديمغرافي عبر إسكان عوائل المرتزقة في منازل أهالي عفرين.
ورغم صدور هذه التقارير عن جهات دولية مستقلة ومحايدة إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر حاول قبل أيام في مؤتمر صحفي تبرير عمليات الاستيطان التي تقوم بها تركيا والتي تعتبر جرائم حرب وفق القانون الدولي، مشيراً بقوله أن «الولايات المتحدة لا ترى خطة تركيا بإعادة مليون نازح سوري إلى شمالي سوريا تهدف إلى تغيير ديمغرافي في عفرين»
ولكن التغيير الديمغرافي يعني التحوّل الذي يطرأ على البنيان و القوام السكاني لرقعةٍ جغرافية من خلال ممارسات تنفذها حكومات أو قوى عسكريّة تجاه مجموعات عرقيّة أو دينيّة، بهدف إخلاء أرض معينة من ناسها و إحلال مجاميع سكانية أخرى عوضاً عنها، أو ما يمكن تسميته بالتهجير الجماعي قسراً و قهراً، ووفقاً لذلك فأن القوانين و الإتفاقيات الدولية تعتبرها جرائم حرب تستدعي المنع و العقاب بما فيها ثلاث مواد في نظام روما الأساسي الصادر في عام 1998 ، كما تُعرّف اتفاقيات جنيف الأربع و المؤرّخة في عام 1949، والبروتوكولان الملحقان به لعام 1977 بأن التهجير القسري هو من جرائم الحرب.