
“شبكة دار نيوز الإعلامية – شيرين حسن”
بدأت صفحات التواصل الاجتماعي والوسائل الإعلامية المقرّبة من هيئة تحرير الشام وتلك التي تُدار من قبل استخبارات الاحتلال التركي وكذلك أعضاء المجلس الوطني الكردي في عفرين في الآونة الأخيرة بالترويج بشكل كبير جداً لعودة أهالي عفرين المهجرين قسراً تحت مسمى العودة الآمنة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدّة. هل خرجت الفصائل المرتزقة العاملة تحت سقف الجيش الوطني السوري المدعومة من قبل الاحتلال التركي من المنطقة حتى يتسّنى للمهجرين العودة إلى منازلهم؟ وهل حصل هناك اتفاق رسمي بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية الانتقالية التي تديرها تحرير الشام كما حصل في الشيخ مقصود والأشرفية حتى يعود المهجرين؟
بالتأكيد لا. لم يحصل أي شيء من هذا القبيل. فالفصائل المرتزقة لم تخرج من المنطقة، وما حصل هو مخطط خطير اُعدّ من قبل الاستخبارات التركية وتحرير الشام والفصائل المرتزقة، حيث تم إخلاء عدد من حواجز المرتزقة من بعض القرى ولكنها لم تخرج من منطقة عفرين بينما توجّهت إلى نقاطها العسكرية في المنطقة ذاتها لإيهام المهجرين أن هذه الفصائل بدأت بالخروج بشكل جماعي والترويج أن عناصر من الأمن العام التابع لتحرير الشام بدأت بتسلّم زمام أمور المنطقة من الناحية الأمنية والهدف من وراء هذا المخطط هو إيقاع المهجرين في “فخ العودة”.
ما حصل من مجازر ومذابح في الساحل السوري بحق أبناء الطائفة العلوية والتي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين إلى جانب حرق قرى بأكملها واغتصاب وسبي النساء واقتيادهن إلى مدينة إدلب والتي لا تزال حاضرة في جميع أذهان السوريين كونها خلال الفترة القصيرة الماضية والتي لا تزال تُرتكب وسط تكتم إعلامي. هذه المجازر سيُطبّق ذلك في منطقة عفرين. بل ستكون أشدّ وحشيّةً خاصةً وأن أهالي عفرين من الذين بقوا في عفرين عانوا الأمرّين منذ العام 2018 من عمليات قتل وتصفية مباشرة وتعذيب جسدي ونفسي في السجون أفضت إلى استشهاد الكثير من المدنيين الكرد ورمي جثامينهم إما في الآبار أو ضمن قبور جماعية مخفيّة.
لا يقتصر الأمر على هذا فقط، فبعد المذابح التي اتُكبت في الساحل السوري والاتفاق الحاصل بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة الانتقالية السورية والتي كانت بمبادرة من قبل الجنرال مظلوم عبدي إيماناً منه بوقف نزيف الدم في سوريا حتى تنعم عموم المناطق السورية بالأمن والأمان، إلا أن هذه المبادرة كانت بمثابة الصاعقة التي ضربت اتركيا. فهي ـ أي تركيا ـ لا تريد وقف حمام الدم في سوريا أقلّه في هذه المرحلة كون أن ذلك من شأنه الإضرار بأطماع تركيا في سوريا، هذه الأطماع والمصالح التركية تتغذى على دماء الشعب السوري، لذا فإن أيَّ مبادرة حل بالنسبة لتركيا هو خسارة.
بعد الاتفاق الذي تم توقيعه بين الجنرال مظلوم عبدي وأحمد الشرع بدأ عناصر من مرتزقة الاحتلال التركي بنشر مقاطع فيديو يوجهون تهديدات مباشرة للكُرد بأنهم سيقومون بارتكاب عمليات قتل تفوق ما حصل من بشاعتها في الساحل السوري أضعافاً مضاعفة خاصةً وأن الكثير من الفصائل التي ارتكبت المجازر في الساحل هم متواجدين في عفرين، ليس هذا فحسب فإن عناصر الأمن العام التابعة لتحرير الشام هي أيضاً شاركت في ارتكاب المجازر لهذا فإن عدم وجود اتفاق رسمي بين الإدارة الذاتية الشبيهة باتفاق حيي الشيخ مقصود والأشرفية هو مخاطرة كبيرة لعودة أي مهجري كردي الى عفرين. فهم سيكونون لقمةً سائغة لارتكاب أبشع المجازر بحقهم.
لذلك، فإن الجهة المعنية عملياً بالتفاوض مع الحكومة الانتقالية السورية حول مصير المهجرين قسراً هي الإدارة الذاتية، والإدارة الذاتية لم تعلن بعد حصول أي اتفاق رسمي يضمن عودة المهجرين. وتسعى الإدارة الذاتية إلى التوصل إلى اتفاق يشبه ما حصل في حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، والتي تتضمن أن تكون قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابع للإدارة الذاتية هي من تدير منطقة عفرين وأن تكون من أبنائها مع رفض وجود أي فصيل من مرتزقة الجيش الوطني السوري لحفظ الأمن وتهيئة الظروف الأمنية لعودة آمنة للمهجرين. وهو شرط أساسي للإدارة الذاتية وهذا ما يصبوا إليه وما زال بانتظاره مئات الآلاف من المهجرين قسراً للعودة إلى عفرين.
ولا تزال الانتهاكات تستمر بحق أبناء عفرين سواءً من كانوا سابقاً في المنطقة أو ممن يعودون مؤخراً بشكل فردي، حيث تشمل الانتهاكات الاختطاف القسري، الاعتقال، الابتزاز بغرض تحصيل فدية مالية وكذلك السلب والتشليح.
وتسعى تركيا وتحرير الشام ومرتزقة الجيش الوطني السوري من وراء هذه البروبوغاندا الإعلامية حول ما تسميه العودة الآمنة لمهجري عفرين بدون أي اتفاق رسمي مع الإدارة الذاتية في محاولةٍ منهم إلى تخريب الاتفاق وعمليات المفاوضات بين الإدارة الذاتية وسلطة دمشق وفي نفس التوقيت يسعون إلى تعزيز سلطة تركيا وفصائل الجيش الوطني في سوريا… ما يحاك من مخططات هي خطيرة جداً على المهجرين الكرد ويتوجب أن يكونوا حذرين لمنع وقوعهم في هذا الفخ التي ستكون كارثة حقيقة ستحل عليهم وسيكونون لقمة سائغة لارتكاب المجازر بحقهم.