«شبكة دار نيوز الإعلامية – شيرين حسن»
طرح القائد العام لـ قوّات سوريا الديمقراطية الجنرال «مظلوم عبدي» قبل أربع سنوات مبادرةً من أجل توحيد الصف الكُردي بين أحزاب الوحدة الوطنية PYNK من جهة، والمجلس الوطني الكردي من جهةٍ ثانية، إلّا أنَّ الحوار توقّف بعد مرور أشهر قليلة بسبب إصرار «الوطني الكردي» على التبعيّة العمياء لتركيا وفرض شروط لا تخدم سوى مصالح أنقرة على حساب القضيّة الكُرديّة في سوريا.
وتأكيداً على ذلك، فقد أوردت قناة رووداو المملوكة لنيجرفان بارزاني والتي تبث برامجها من هولير، خبراً في بداية العام 2021 – أي بعد أشهر على مبادرة مظلوم عبدي، مفاده أن وزير الخارجية التركي آنذاك مولود جاووش أوغلو صرّح بشكل علني بأنه سيقف ضد أي مفاوضات بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني الكردي، وأن الأخير -أي المجلس- تعهّد لتركيا في شهر شباط من العام نفسه أنها لن تتفق مع أحزاب الوحدة الوطنية، واعتبر جاويش أوغلو إن المجلس الوطني الكردي السوري هو الممثل الشرعي لأكراد سوريا…!
تصريح مولود جاووش أوغلو كشف الستار عن التصريحات الوهمية لمسؤولي المجلس الوطني، الذين كانوا يصرحون بأن أحزاب الوحدة الوطنية وبالأخص حزب الاتحاد الديمقراطي يعيق الحوار الكردي – الكردي، لكن جميع الدلائل والمؤشرات تؤكد أن الوطني الكردي لا يريد الخروج من تحت عباءة تركيا وتواصل العمل على تقويض الحوار الكردي.
المبادرة التي طرحها الجنرال «مظلوم عبدي»، جاءت في محاولةٍ منه إعطاء المجلس الوطني الكردي فرصةً للعودة إلى جادة صوابها والخروج من حالة العمالة والارتزاق للاحتلال التركي ووضعه على الطريق الصحيح أملاً منه في أن ينسحب من صفوف الائتلاف الإرهابي الغطاء السياسي للمرتزقة ويُعيد تصحيح مساره قبل فوات الأوان، لكنّ المجلس يُصرّ وفي كل مرة على أن الانسحاب من الائتلاف هو «خطٌ أحمر» بالنسبة لها وأنَّ أيَّ حوار مُسبق مع الإدارة الذاتية هو قبول شروطها التي كُتِبت في غُرف الاستخبارات التركية.
تحتل تركيا ومرتزقة الجيش الوطني السوري مدن كُرديّة وعلى رأسها “عفرين 2018” و “سري كانية 2019” وترتكب فيها أفظع الجرائم والانتهاكات تصل إلى حد الإبادة الجماعية إضافةً إلى قيامها بعملية تغيير ديمغرافي واسع مع تهجير سكانها الكُرد الأصليين بنسبة وصلت إلى 80 بالمئة في مدينة عفرين الواقعة بريف حلب الشمالي.
شروط المجلس الوطني الكردي «التركية»
منذ أن بدأ الحوار “الكردي – الكردي” طالب ما يسمى المجلس الوطني الكردي من الإدارة الذاتية بتوزيع المناصب مناصفةً «فيفتي – فيفتي» إلى جانب أن تكون هناك إدارة عسكرية مشتركة بين مرتزقة بيشمركة روج وقوات سوريا الديمقراطية وهو ما جاء اليوم على لسان محمد اسماعيل سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا / أحد أبرز أحزاب المجلس الوطني الكردي، بأن «من مطالبهم الملحة هي ضرورة إنشاء إدارة عسكرية خاصة بقوات بشمركة روج، حيث تكون مستقلة تماماً عن قسد. قوات بشمركة روج يجب أن تعمل كقوة مستقلة تتمتع بقراراتها وإدارتها الذاتية، دون أن تكون خاضعة لتوجيهات أو سيطرة قسد لضمان فعالية ووضوح العمليات العسكرية، وتعزيز التنسيق والتعاون»، وهذه المطالبات تعني أولاً نقل تجربة إقليم كُردستان المريرة فيما يخص وجود تشكيلات عسكرية تعمل كل منها على حِدى ومن تلقاء نفسها والتي تسببّت بإزهاق أرواح عشرات الآلاف من عناصر البيشمركة (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) خلال عمليات الاقتتال التي حصلت بين الطرفين والتي لا تزال آثارها ومخاطر تكرار هذه الكارثة حاضرة بقوة في الوقت الراهن كون أن القوة العسكرية لا تتبّع لقيادة موحّدة وإنما للحزبين الكبيرين في الإقليم، فكيف يُمكن بهذه الحالة نقل تجربة دموية وقاتلة وتطبيقها في روجآفاي كردستان / شمال وشرق سوريا..؟! إلّا إذا كان الهدف واضح وهو بالتأكيد مطلب من تركيا والديمقراطي الكردستاني التابع له بهدف زعزعة استقرار المنطقة خاصةً وأنه لا يخفى على أحد أن بيشمركة روج تأسّست على يد الاستخبارات التركية والديمقراطي الكردستاني العراقي وتتلقى الدعم منهما.
أمّا الشرط الثاني للمجلس الوطني الكردي؛ هو رفض المناهج التعليمية للإدارة الذاتية والمطالبة بعودة مناهج النظام السوري معلّلة السبب بأنها مناهج مُعترف بها، علماً أن أي إدارة فتيّة تحتاج إلى الوقت للحصول على اي اعتراف دولي سواءً فيما يخص المناهج التعليمية أو غيرها من النظام السياسي، ولكن وقبل الاعتراف الدولي لا بدَّ أن تكون هناك أرضيّة على الواقع وإلّا كيف سيكون هناك اعتراف بشيء لا وجود له..! وهنا يتضّح جلياً كل شعارات الـENKS المخادعة والكاذبة، التي تحارب اللغة الكردية التي تمكّن فيها الكرد من التعليم بها خلال السنوات الأخيرة بفضل تضحيات الأبطال من وحدات حماية الشعب والمرأة، فالمجلس والمنهج الذي يسيرون عليه كانوا يطالبون منذ أكثر من ستون عاماً الحقوق الثقافية من النظام السوري وعندما أصبح الأمر حقيقةً أصبحوا يرفضون ذلك ويعتبرونها مناهج غير معترفة بها فيما هم بأنفسهم يروّجون لمناهج الاحتلال التركي والنظام السوري.
ويُمكننا هنا أن نُعطي مثالاً قريباً على أرض الواقع، ففي تسعينيات القرن الماضي وعندما بدأ إقليم كردستان الاعتماد على مناهجها في التعليم بالرغم من عدم اعترافها لحين عام 2004 حيث أصبح الاعتراف رسميًا وقتها، فلماذا يرى المجلس الوطني الكردي مناهج الإدارة الذاتية جريمة ويُطالب بإلغائها…؟! الجواب هو أن المجلس الوطني الكردي يريد أن يُكرر ما فعله الخائن حسن خيري قبل أكثر من مئة عام والمنتمي لعائلة معروفة في مدينة بدليس في شمال كردستان وكان من رموز الحركة الوطنية التركية عندما طعن الشعب الكردي بخنجر الخيانة ونفّذ أوامر كمال مصطفى أتاتورك كونه من مثّل الشعب الكردي في معاهدة لوزان لأن الدول الأوروبية لم تكن مستعدة لتوقيع الاتفاقية دون موافقة الكرد حيث يعتبر حسن خيري من رواد الفكر القومي بين الأتراك القوميين لأنه حاول مثل أتاتورك إقامة الدولة القومية التركية دون وجود أي أثر للشعب الكردي وهو ما يفعله المجلس الوطني الكردي في يومنا هذا من خلال محاربة القضية الكردية سياسياً وثقافياً واجتماعياً وعسكرياً وتعليمياً حيث التاريخ يعيد نفسه ولكن باختلاف بسيط فحسن خيري تعامل مع الأتراك في شمال كردستان بينما المجلس الوطني الكردي يتعامل مع تركيا في غرب كردستان / شمال وشرق سوريا.
أمّا الشرط الثالث؛ هو رفض المجلس الوطني الكردي لمبدأ نظام الرئاسة المشتركة الذي يُعبّر عن روح المساواة والتشاركية بين الرجل والمرأة وكذلك عدم المطالبة بضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة سواء أكانت في الهيئات والمجالس وغيرها، فالمجلس يريد أن يكون شكل النظام محصور في الرجل وأن تكون الصلاحيات كاملةً بيده معتبرين بأن وجود شريكة في إدارة الحكم يعني عدم الكفاءة وعدم المقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة وهم بذلك يتنكرون للدور الكبير التي لعبته المرأة الكردية في محاربة أعتى تنظيم إرهابي (داعش) إلى جانب وحدات حماية الشعب وكذلك الدور الكبير في تبوأها مناصب مهمة على الصعيد السياسي والدبلوماسي وهذا الأمر لا يمكن حصره فقط في مناطق الإدارة الذاتية بل هناك الكثير من النساء الرياديات في العالم من تبوّأت منصب الرئاسة والوزارات والدبلوماسية في دولها.
فيما الشرط الرابع هو السماح بافتتاح مكاتب الائتلاف السوري الإرهابي في مناطق الإدارة الذاتية على أن يديرها المجلس الوطني الكُردي باعتبارها عضو في الائتلاف السوري المعارض. رغم أن الائتلاف ومرتزقة الجيش الوطني السوري يحتلون مدن كردية ويرتكبون إبادات بحق البشر والشجر والحجر، إذ لم يسلم حتى قيادات المجلس أيضاً من عمليات الاعتقال والتعذيب والقتل بحق شركائهم في الجيش الوطني المرتزق، ثم لماذا لا يطالب المجلس بإدارة المناصب مناصفةً في عفرين وسري كانية وتل أبيض رغم أنها تُشرعن احتلالهم لتلك المناطق ولكنهم لا يمكنهم من فتح مكتب صغير لهم هناك فكيف بهم أن يطالبوا بإدارة الملف العسكري والسياسي والاقتصادي إذاً..!
الشرط الخامس؛ هو أن يكون قرار الحرب مشترك بين المجلس الوطني الكردي وباقي الأحزاب وهذا الأمر يُعتبر أيضاً خطراً محدقاً بالقضية الكردية بشكل خاص والإدارة الذاتية بشكل عام وذلك لعدّة أسباب أبرزها هو أن المجلس الوطني الكردي هو جزء من منظومة الائتلاف الإرهابي التابع للاحتلال التركي ولا يزال مصرّاً على عدم اعتبار تركيا بالاحتلال وهي التي تحتل عفرين وسري كانية وكري سبي وفي هذه الحالة فإنّها تعبر تركيا صديقة للشعب الكردي وبما معناه أنها توافق علناً على احتلالها وبالتالي أي هجوم تركي جديد سيستهدف الإدارة الذاتية سيعلن المجلس أنها بالضد من مقاومتها بل وستشاركها في احتلال باقي المدن على غرار ما قامت به في غزو مدينة عفرين عندما شاركت بكتائبها العسكرية الستة إضافة إلى مرتزقة بيشمركة روج.
لماذا ترضخ قيادات الـENKS لتركيا والنظام السوري؟
تمتلك الاستخبارات التركية واستخبارات النظام السوري عشرات مقاطع الفيديو المخلة بالآداب لقيادات المجلس الوطني الكردي وقد تم تسريب البعض منها في أوقات سابقة من ضمنها مقاطع للمدعو فؤاد عليكو وسعود الملا ونعمان كن رش وغيرهم.
بات الحميع يدرك من هم قيادات الـENKS المُناصر له قبل المختلف، فهؤلاء باتوا مُراهقونَ في سنٍ مُتأخرة، بل ذهبوا أبعد من ذلك، كون المراهق مسألة طبيعية في حياة الشباب.
فـ “فؤاد عليكو” مثلاً الذي يظهر باستمرار على شاشات قنوات ARK , RÊBAZ”, RÛDAW” ويخطب في المشاهد ويهاجم ليل نهار الإدارة الذاتية، ليظهر البطل القومي هذا في فيديو مع فتاة ليل تدعى “نسرينه” تقيم في ألمانيا ويطلب منها القدوم إلى مكان “عمله” في تركيا…!
كما أن مسؤول حزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا في عامودا المدعو (نعمان كن رش) ظهر هو الآخر في فيديو مسرب مخل للأداب العامة، إلى جانب فيديو آخر للمدعو «حسين حج قاسم» من مدينة عامودا مشرف مناهج التعليم (التابع للمجلس الوطني الكُردي) وهو في وضع مخل للآداب مع عشيقته.
في حين دوى على وسائل التواصل الاجتماعي أواخر فبراير / شباط 2023، فضيحةٌ من العيار الثقيل لرئيس المجلس الوطني الكردي وسكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا حينها «سعود الملا» بعد تسريب فيديو له اعتبره ناشطين «خادشاً للحياء»، حيث كان يتحدث مع سيدة لم تظهر صورتها.
وفي حال لو تمَّ القبول بمناصفة الإدارة على مبدأ الأنكسة «فيفتي فيفتي» وأغمضنا العين عن كل ما يقومون به من خيانة لا تُغتفر بحق القضية الكردية، هل سيتمكن المجلس الوطني الكردي من القيام بعملهم على أكمل وجه وهو يعيش باستمرار خلافات وصراعات فيما بينهم تتعلق بمحاربتهم لبعضهم البعض في الاستحواذ على السلطة داخل المجلس هذا عن عدا عن حالات الانشقاق التي تعصف ببنيتها بين الفينة والأخرى إذ يمكن اعتبارها بأنها منهجاً متّبعاً عليه من عقود حيث أفرخت حزبٌ واحدٌ منها عشرات الأحزاب ولا تزال تسير وفق هذا المنطلق.
نبذة عن تشكيل المجلس الوطني الكردي
تشكّل ما يُسمّى «المجلس الوطني الكردي» في مدينة هولير بإقليم كردستان، برعاية من قبل مسعود بارزاني والاستخبارات التركية، وذلك بعد أشهرٍ قليلة من بدء الاحتجاجات في سوريا، وكان الهدف من وراء تشكيل المجلس خلق كيانٍ موازي لحزب الاتحاد الديمـقراطي الذي يسعى ويناضل لضمان حقوق الكُرد في سوريا ومن ثم سـيطرة تركيا على «القرار الكردي» وجعلها أسيرةً بيدها تُحرّكها كيفما تشاء.
ودخل المجلس الوطني الكردي تحت عباءة المجلس الوطني السوري برعايةٍ مباشرة من الاستخبارات التركية الذي اتّخذ من اسطنبول مقراً له وبدأ بمحاربة حزب الاتحاد الديمقراطي ولاحقاً الإدارة الذاتية، ولم تتوقّف تركيا والكيانات السياسية والعسكرية التابعة لما تسمى المُعارضة السورية عن استخدام استراتيجية «الكردي الجيّد» في تعاطيها مع الشأن الكردي، في محاولة منهم إنتاج ذات كُردية دون وجود مشروع سياسي، خافتة الصوت حتماً، ولا مطالب لهم، مهمتها الوحيدة إطاعة الأوامر التركية لتحقيق مصالحها في سوريا مقابل رواتب شهرية تُدفع لهم بالدولار الأمريكي والإقامة في فنادق فخمة.
وبالفعل؛ وطيلة أكثر من عقد من بدء الاحتجاجات في سوريا كان المجلس الوطني الكردي يحارب على جميع الأصعدة الكيان السياسي الوحيد (الإدارة الذاتية) المدافع عن حقوق الكرد وباقي المكوّنات السوريّة تحت مشروع «أخـ ـوّة الشعوب»، ولم يتوقف الأمر هنا، بل شاركت عسكرياً إلى جانب المرتزقة وجيش الاحتلال التركي عبر كتائبها سواءً في مدينة سري كانية/ رأس العين عام 2012، ومن ثم في احتلال عفرين 2018، ومدينتي سري كانية وكري سبي/ تل أبيض 2019.