تواصل تركيا بناء المزيد من المستوطنات في منطقة عفرين، شمال غربي سوريا ضمن مشاريعها الهادفة إلى تغيير معالم وهوية المنطقة وخلق تغيير ديمغرافي عبر إنشاء مدن وحدود جديدة لضمان هيمنتها على المناطق ومقدراتها وفصل الشمال السوري وضمها إلى تركيا عندما تحين الفرصة المناسبة بعد استكمال المخطط.
وفي سياق ذلك؛ افتتحت منظمة ما تسمى “وفاق” الإنسانية، وبدعم من عرب الـ48، مستوطنة جديدة تحت مسمى “مشروع النور السكني”، في بلدة جنديرس بمنطقة عفرين شمال غربي حلب.
ويتضمن المستوطنة بناء 48 شقة سكنية كمرحلة أولى إضافة لمسجد ومدرسة وحديقة ، وتبلغ مساحة الشقة الواحدة 65 متر، وذلك تحت ذريعة بأن القرية السكنية ستكون مخصصة لإيواء المتضررين من أبناء جنديرس جراء الزلزال الذي ضرب الأراضي السورية والتركية في مطلع شباط من العام الفائت.
المرصد السوري أشار بأنه جرى توزيع 42 شقة منها على عائلات مهجرة من محافظات سورية مختلفة، ولعائلات من عناصر المرتزقة السوريين الموالين للاحتلال التركي التي كانت تقطن أساساً في منازل مستولى عليها من أصحابها من قبل تلك الفصائل المرتزقة، وعند بدء المشروع جرى تسجيل هذه العائلات على أنها هي من تملك المنازل المهدمة، والتي تعود في الأصل لملكية السكان الأصليين الكرد في بلدة جنديرس.
وأكد المرصد، أن سكان جنديرس الأصليين الذين تضرروا من الزلزال لم يحصلوا سوى على 6 شقق من هذه القرية النموذجية بعكس ما روجت المنظمة المنفذة للمشروع.
وبعد الزلزال الذي ضرب مدينة جنديرس العام الفائت، أشار حينها نشطاء وصحفيين كورد من عفرين، أن تركيا تستغل كارثة الزلزال بهدف استمرار تغيير ديمغرافية المدينة بشكل أكبر وأخطر في إطار مساعيها لطرد أي كوردي من المنطقة.
النشطاء أكدوا أن تركيا تريد إيهام الرأي العام أنها ستعمل على إعادة إعمار مدينة جنديرس من خلال الترويج لهذه المنظمات التي تدعي أنها منظمات إنسانية، لكنها في الحقيقة منظمات ذات خلفيات إخوانية لها أجندات واضحة هدفها تطهير المنطقة من الكورد.
وكان النشطاء والصحفيين وسكان مدينة جنديرس قد عبّروا عن مخاوفهم من أن تستغل تركيا طرد السكان الكورد الأصليين من منازلهم بحجة عدم وجود سندات ملكية تثبت أن الملكية تعود لهم، وذلك بعد أن فقد قسم من الأهالي سندات ملكية العقارات الخاصة بهم تحت الأنقاض، إضافةً إلى أن مسألة الملكية ستكون شائكة في المستقبل، وذلك لأن هناك الكثير من الأبنية تم إنشاءها بعد العام 2011، في فترة “الإدارة الذاتية”، أي أن لا يوجد تثبيت ملكية عقارية في السجلات الحكومية لهذه الأبنية، وسيصعب تقديم ثبوتيات للملاك، فكيف سيكون الحال في ظل سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لأنقرة.
كما عبّر حينها الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري “جلنك عمر” في مقابلة أجرتها وكالة ميديا نيوز التي تنشر باللغة الانكليزية عن المخاوف من استغلال تركيا فيما تسميها بجهود الإعمار في أعقاب الدمار الكبير الذي حدث، لا سيما في منطقة جنديرس والقرى المحيطة بها، والتي لن تكون لصالح السكان المحليين الحقيقيين والكورد الذين ما زالوا في المنطقة.
وأضاف أنه والأرجح أنه سيتم الاستيلاء عليها وإقامة المستوطنات هناك، بهدف توطين العرب والتركمان من خارج المنطقة، بهدف ترسيخ الهندسة الديموغرافية للمنطقة، وتوطين اللاجئين السوريين المرحلين من تركيا.
وأشار “عمر” أن هناك خشية من مصادرة الممتلكات من هؤلاء الكورد الذين بقوا في المنطقة وتركهم مشردين.
يذكر أنّ العديد من المؤسسات والجمعيات القطرية والكويتية والفلسطينية والتركية ذات الخلفية الإخوانية موجودة في مدينة عفرين منذ بداية احتلال تركيا لها، وساهمت بفعالية في مشاريع بناء البؤر الاستيطانية التي رسخت التغيير الديمغرافي، حيث تتخذ هذه المؤسسات والجمعيات من ملف «اللاجئين السوريين»، كعنوان إنساني وستاراً لمشاريع التوطين والاستيطان وتغيير ملامح وهوية المناطق وخاصةً الكوردية.