الأخبارشمال وشرق سوريا

على ENKS اتخاذ قراره الآن… الاستمرار في دعم دولة الاحتلال التركي أو العمل لصالح القضية الكردية!

هل سيواصل المجلس الوطني الكردي في سوريا الذي يمارس السياسة منذ سنوات تحت غطاء الدفاع عن شعب غربي كردستان، سياسته في دعم الدولة التركية المحتلة خاصة في ظل التطورات والأحداث الأخيرة في سوريا، أم سيعمل لصالح الشعب الكردي والقضية الكردية في هذه المرحلة التي يجب على جميع الأحزاب الكردية أن تتحد فيها؟ يجب على المجلس الوطني الكردي أن يتخذ قراره.

في بداية الأزمة السورية عام 2011، دخلت العديد من الأطراف الساحة السياسية، ولم تكن المناطق الكردية مستثنية من ذلك. وفي شمال سوريا نشأ تنظيم فاعل بين الشعب باسم “الإدارة الذاتية” حيث أخذت كافة فئات وشعوب المنطقة مكانها ضمن هذا التنظيم، كالكُرد والعرب والمسيحيين، فأصبحوا جزءاً من هذه الإدارة والتنظيم الشعبي. وواصلت هذه الإدارة عملها بفكرة وفلسفة “الأمة الديمقراطية”. وفي ظل هذه الإدارة بدأت قوات بتنظيم نفسها لحماية قيم المجتمع شمال سوريا، وأطلق عليها اسم قوات YPG وYPJ.

وقد رأت القوى المعارضة، مثل الدولة التركية المحتلة، في هذا الكيان الذي تأسس حديثًا تهديدًا لها، كونه يمثل إرادة الشعوب. وعلى هذا الأساس، ولتفكيك هذا التنظيم، سعت إلى تعريف هذا التنظيم بأنه غير شرعي لدى الرأي العام، وبدأت الدعاية السوداء ضدها، مستخدمة هذه الدعاية كذريعة لشن لآلاف الهجمات.

خلال الفترة التي كان فيها جهاز المخابرات التركي يحاول تفكيك الإدارة الذاتية ويخوض حربًا خاصة وهجمات جسدية ضد تنظيم الشعب، تم إرسال العديد من المجموعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وغيرهما لشن هجمات ضد شعب شمال وشرق سوريا وغرب كردستان وبدأوا حربًا شرسة. ولكن بفضل تنظيم وإرادة شعب المنطقة الموحدة، لم تتمكن الدولة التركية المحتلة من تنفيذ مخططاتها.

في فترة قيام أهالي المنطقة بتنظيم أنفسهم اجتماعياً وسياسياً تحت اسم الإدارة الذاتية، نأت الأحزاب التي يقودها عائلة البارزاني بنفسها عن هذا التنظيم (الإدارة الذاتية) وأعلنت عن طرحها في روج آفا تحت اسم المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS). وكان هدف حركتهم معارضة مشروع “الأمة الديمقراطية” في سوريا وتقويضه. لقد قاموا بعشرات الإجراءات والسياسات لتشويهها وسعوا إلى تقديم أنفسهم كبديل. وفي الوقت نفسه واصلوا حربهم الاستخباراتية والسياسية ضد الإدارة الذاتية دون انقطاع، حتى أنهم لجأوا إلى الصراع المسلح. على سبيل المثال؛ في عام 2013، عندما كان قافلة من قوات وحدات حماية الشعب متجهة نحو مدينة قامشلو قادمة من المعركة مع المجموعات الإرهابية في سد الحسكة، قامت الخلايا التابعة للمجلس الوطني الكردي في مدينة عامودا بقطع طريق القافلة وفتحت النار على قافلة وحدات حماية الشعب، ما أدى إلى مقتل وجرح عناصر وحدات حماية الشعب. وكان من بين الذين استشهدوا الشهيد عيسى گلو (صبري گلو).

الخطوة الثانية، وبتعليمات جهاز الاستخبارات التركي (MIT) وجهاز الأمن الوطني (باراستن) التابع لحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، عرّف المجلس الوطني الكردي في سوريا نفسه كممثل للكرد السوريين وانضم إلى ائتلاف المعارضة السورية. وقعت ENKS العديد من الاتفاقيات مع الائتلاف. ومن بين الاتفاقيات التي وقعها المجلس الوطني الكردي في سوريا الانسحاب من مطلب سوريا لامركزية، كما انضم المجلس إلى الهيئة العليا للمفاوضات. وفي رسالة بتاريخ 10/12/2015، أقرت جميع الأطراف، بما فيها المجلس الوطني الكردي، وفقاً للبند والنقطة الأولى، بأن سوريا جزء من الدول العربية، وأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية في سوريا، وأن الثقافة العربية والإسلامية هي مصدر العلاقات الاجتماعية بين الشعب السوري. وبهذا انتُهكت حقوق الكرد مرة أخرى من قبل المجلس الوطني الكردي، لكن لم يكن هناك أي رد فعل من المجلس الوطني الكردي، وبقي وجود المجلس الوطني الكردي داخل الائتلاف وجوداً بلا شكل وبدون أي يكون له تأثير.

يوماً بعد يوم اتضح عداء المجلس الوطني الكردي في سوريا، ونتيجة لتحركات المجلس لم تقبل العديد من الأحزاب هذا الوضع وانسحبت منه مثل: حزب الوحدة – الشيخ آلي، حزب البارتي – نصر الدين إبراهيم، أحزاب اليسار – محمد موسى وصالح كدو، وحزب التقدمي – صلاح حاج درويش. سمح هذا الأمر لـ ENKS أن يصبح طرفاً ذات لون واحد وطرف واحد والسير بها إلى طريق مسدود.

وفي آخر التطورات على الصعيد السوري؛ لقد قامت دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا بتقييم وتحليل نموذج الإدارة الذاتية وتنظيمها في سوريا بشكل جيد، وأكدت أنه كان إيجابياً. وعلى هذا الأساس قدموا بعض الخطوات للإدارة الذاتية من أجل مصالحهم الجيوسياسية.

ورأت الإدارة الذاتية في ذلك فرصة لإبعاد المجلس الوطني الكردي عن خط الخيانة ووضعها على خط المجتمع الديمقراطي. وعلى هذا الأساس، أطلعت الإدارة الذاتية مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني على ذلك. قام الحزب الديمقراطي الكردستاني بتقييم الوضع الأخير في سوريا وتوصل إلى نتيجة مفادها أن مقترح الإدارة الذاتية لإبعاد المجلس الوطني الكردي عن خط الخيانة هو اقتراح مناسب. لقد توصل الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الاعتقاد بأن تنظيم الشعب وكسبه إلى صفه هو السبب في أن تكتب الإدارة الذاتية اسمها في التاريخ السوري. أبلغ الحزب الديمقراطي الكردستاني المجلس الوطني الكردي في سوريا أن تنفيذ مخططات الاستخبارات التركية في روج آفا أدى إلى عدم تحقيق المجلس الوطني الكردي لأي مكاسب.

الجميع يعلم أن المجلس الوطني الكردي لم يتمكن من تحقيق تقدم سياسي بين الشعب الكردي لمدة 13 عامًا. لا شك أن هناك أسباباً تكتيكية وراء ذلك، مثل قضايا الفساد، والانحلال الأخلاقي، والصراع على السلطة بين قيادات وأعضاء ENKS على أعلى مستوى. هل كان هذا هو السبب وراء عدم لعب ENKS دورًا قياديًا في المجتمع الكردي في روج آفا؟ هذا صحيح إلى حد ما وكان السبب في بقاء ENKS على حالها، لكن ما سمح لـ ENKS حقًا بالوصول إلى هذا المستوى هو علاقتها مع جهاز المخابرات التركي (MIT) وجهاز (البارستن)، الذي تحرك بطريقة سياسية عنصرية داخل المناطق الكردية بناءً على تعليمات من جهاز المخابرات التركي (MIT) وجهاز (البارستن)، وخاض حربه علانية ضد الإدارة الذاتية وكان دائمًا يحاول تبرير هجمات الدولة التركية المحتلة. لقد توصل المجتمع الكردي إلى حقيقة راسخة أن المجلس الوطني الكردي في سوريا لا يعمل من أجل القضية الكردية، بل من أجل مصالح قوات الاحتلال التركية، وقد ظهرت بالفعل عشرات الأمثلة البارزة على ذلك. لقد جعلت ENKS قضية التعليم في المدارس أجندة عامة وكانت تردد باستمرار مايلي:

يجب أن تُفتح المدارس باللغة العربية وأن تكون المواد تابعة لمناهج نظام البعث، بحجة أن شهادة النظام السوري معترف بها دولياً، ومن خلال هذه الخطوة كان ENKS يشوه مناهج الإدارة الذاتية ويجعل الناس يتجنبون اللغة الكردية، ومن خلال الحرب الخاصة تم إرسال رسائل إلى الناس مفادها أنه إذا درستم باللغة الكردية فسوف تتخلفون عن الركب. وكذلك إخراج الشباب من قوات الدفاع الذاتي وإفراغ المنطقة من قوة الشباب وإخراجهم من البلاد. وفي هذا الصدد، ومن أجل منع الشباب من المشاركة في قوات الدفاع الذاتي، وصل الأمر إلى قيام المجلس الوطني الكردي بإعداد وثائق مزورة لإخراج الشباب خارج البلاد، والادعاء بأنهم هربوا من قوات الدفاع الذاتي بسبب تصرفات الإدارة الذاتية. وبعد أن أصبح سكان المنطقة أكثر دراية بسياسة المجلس الوطني الكردي في سوريا، بدأوا يدركون أن وجود المجلس أو غيابه في سوريا لم يعد له أي معنى.

كان الحزب الديمقراطي الكردستاني والإدارة الذاتية يريدان إخراج المجلس الوطني الكردستاني من ألاعيب العدو، وكانا يريدان حل هذا الأمر بسرعة، فتدخلا على الفور. ونتيجة لذلك، زار حميد دربندي الجنرال مظلوم عبدي، كما زار مظلوم عبدي إقليم كردستان والتقى برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني. وتطرق بارزاني إلى قضية المجلس الوطني الكردي، مبيناً أن المجلس لم يتمكن من الارتقاء إلى مسؤولياته وتنظيم نفسه، وأنه يواجه إفلاساً سياسياً واجتماعياً، خاصة بعد انسحابه من الائتلاف. وفي ختام هذا اللقاء طلب البارزاني من عبدي إعطاء فرصة لتأسيس المجلس الوطني الكردي، وأن يأخذ المجلس مكانه ضمن الإدارة الذاتية. وعلى هذا الأساس، بدأت اجتماعات بين أحزاب الوحدة الوطنية PYNK و ENKS على مستوى روج آفا، وتم تحديد موعد المؤتمر الوطني بتاريخ 18.04.2025. ولكن تم تأجيل ذلك أيضًا لسبب غير معروف.

في المرحلة الأخيرة التي مر بها المجلس الوطني الكردي في سوريا، مع بداية انسحابه من الائتلاف السوري والحوار مع الإدارة الذاتية، تزايدت حركة المجلس المنظمة بين أبناء المنطقة، وسعى إلى تحقيق بعض التقدم مع أبناء المنطقة. وعلى هذا الأساس بدأت حركة ENKS في نشاطها الجماهيري. وأظهرت نتائج اجتماعات الحزب الديمقراطي الكردستاني مع المجلس الوطني الكردي أن المجلس الوطني الكردي في سوريا يقع تحت ضغوط لإخراج نفسه من سيطرة جهاز الاستخبارات التركية ووضع ميثاق واضح خاص به للعمل داخل المجتمع الكردي والحصول على القبول لديهم.

في هذه المرحلة، أعرب قادة ENKS، الذين هم تحت سيطرة الاستخبارات التركية بالكامل، عن استيائهم من هذا الأمر واتخذوا إجراءات سريعة لوقف هذا الوضع حيث يعتقدون أنه هذا الأمر يأخذ بالمجلس الوطني الكردي إلى الخراب. وقالوا إنه إذا استمر هذا الوضع فإن دورهم داخل ENKS سيصبح بلا معنى (في إشارة إلى قيادات المجلس الوطني الكردي الذين يسعون للخروج من تحت العباءة التركية)، وسينتقل ENKS أيضًا من مصالح جهاز الاستخبارات التركي إلى الإدارة الذاتية، وسيخرج ENKS أيضًا عن سيطرتهم.

نتيجة للمنافسة، بين خط المجلس الوطني الكردي الجديد الذي يتم إنشاؤه وخط المجلس الوطني الكردي التابع للاستخبارات التركية، فهذا قد خلق أزمة وخلافات وبرز صراعات داخل صفوف المجلس الوطني الكردي في سوريا ، وخاصة داخل الكتلة الكبيرة لأحزاب المجلس، مثل حزب يكيتي الذي يترأسه سليمان أوسو، بينما إبراهيم بيرو متحالف مع جهاز الاستخبارات التركي (MIT) ويفرض تعليماته الخاصة داخل الحزب. وعلى نحو مماثل، يفرض حزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا PDK-S، الذي يترأسه محمد إسماعيل، ولكن عبد الحكيم بشار ينتمي إلى خط الاستخبارات التركية (MIT)، ويفرض تعليماته الخاصة على الحزب.

هذا الوضع يثير تساؤلات وشكوك لدى المجلس الوطني الكردي في سوريا، حيث يقول إن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يعط المجلس الوطني الكردي سوى تعليمات من أجل الوحدة الكردية، لكنه لم يوضح الآفاق المستقبلية البعيدة المدى في سوريا وما هو الغرض من هذه الوحدة. هل سيتمكن المجلس الوطني الكردي ENKS من رفع هذا العبء أم لا؟ الآن، أصبحت ENKS عالقة في مرمى نيران الحزب الديمقراطي الكردستاني وجهاز الاستخبارات التركي، ولم تعد تعرف أين يكمن خلاصها. لكنه يحاول المشاركة في المؤتمر الوطني بناء على تعليمات الحزب الديمقراطي الكردستاني. ولهذا السبب، ينظر المجلس الوطني الكردي في سوريا إلى المؤتمر الوطني بخوف وعدم الثقة بقدرته على الاستمرار، وخاصة على أيدي قياداتها الخارجية ضمن المجلس مثل عبد الحكيم بشار وإبراهيم بيرو وشلال كدو، الذين يحشدون مناصريهم داخل المجلس لتقويض هذه الوحدة وزيادة هذه النقاشات بين أعضاء وأنصار المجلس، عبر خلق الأعذار في محاولة منهم لتقويض هذه الوحدة.

إنهم يريدون خلق تصور بأن الأحزاب المشاركة في المؤتمر؛ “سيعملون على إضعاف دور ENKS في المؤتمر ولن يكون التصويت والانتخاب في المؤتمر في صالح ENKS” نظراً لعدم وجود حاضنة شعبية كبيرة لهم. وهذا خلق خوفًا كبيرًا داخل ENKS، لأنهم يعرفون أن نتائج المؤتمر ستصبح أساسًا للمستقبل ولا يمكن تغييرها. يتعين على ENKS قبول هذا والاستمرار ولا يمكن التراجع بعد الآن.

يواجه المجلس الوطني الكردي ضغوطًا كبيرة. وينتقد الشعب الكردي في روج آفا على وجه الخصوص الإدارة الذاتية بأنها كيف يمكنها عقد علاقات مع المجلس الوطني الكردي التي تعمل ضد الشعب الكردي في روج آفا لصالح جهاز الاستخبارات التركي منذ 13 عامًا، وكيف تعطي الإدارة الذاتية فرصة للمجلس للانضمام إلى الإدارة؟ ولهذا السبب، فإن لدى ENKS فرصة كبيرة لتخرج نفسها من سيطرة جهاز الاستخبارات التركي (MIT) والمسؤولين التابعين له مثل عبد الحكيم بشار وإبراهيم برو وشلال كدو وغيرهم، والعمل من أجل القضية الكردية، بعيدًا عن العنصرية والفساد والتلاعب. حينها فقط يمكن أن تصبح جزءًا من مجتمع روج آفا المقاوم.

لكن السؤال هو، إلى أي مدى تستطيع ENKS تطبيق هذه التعليمات وتحقيقها؟ هل سيكون ENKS قادراً على إبطال تأثير الاستخبارات التركية داخل نفسه؟ هل سيسمح مسؤولو ENKS التابعين للاستخبارات التركية بتشكيل هذه الوحدة واستمرارها؟ هل سيتمكن المجلس الوطني الكردي في سوريا من العيش مثل المجتمع الكردي في روج آفا؟

 

رامان نبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى