الأخبار

العفو الدولية تدعو إقليم كردستان أن توقف فورًا اعـ.ـتداءاتها على حرية الصحافة

 

تتباهى سلطات إقليم كردستان العراق بأن الإقليم هو “منارة لحرية الصحافة”، ولكنه ليس سوى ادعاء مثير للسخرية بالنظر إلى قمعها لحرية الصحافة ومضايقة الصحفيين وترهيبهم ومحاكمتهم

قالت منظمة العفو الدولية قُبيل اليوم العالمي لحرية الصحافة إنه يجب على سلطات إقليم كردستان العراق أن تضع حدًا لاعتدائها على الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والضرب والمحاكمات فادحة الجور للصحفيين. وكان للمضايقات والترهيب والهجمات ضد الصحفيين تأثير مخيف على الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة في إقليم كردستان العراق، حيث أُجبر العديد من الصحفيين على الفرار أو الاختباء أو التخلي عن ممارسة الصحافة تمامًا، بينما لا يزال العديد من نظرائهم يقبعون في السجون.

وقالت بيسان فقيه، مسؤولة حملات معنية بالعراق في منظمة العفو الدولية: “تتباهى سلطات إقليم كردستان العراق بأن الإقليم هو “منارة لحرية الصحافة”، ولكنه ليس سوى ادعاء مثير للسخرية بالنظر إلى قمعها لحرية الصحافة ومضايقة الصحفيين وترهيبهم ومحاكمتهم، وخاصة أولئك الذين كتبوا عن مزاعم الفساد، وانتقدوا تعامل السلطات مع القضايا الاجتماعية. وقد خلق اعتداء السلطات على حريات الصحافة ثقافة خوف صُمّمت لخنق المعارضة السلمية وإدامة الإفلات من العقاب”.

تتباهى سلطات إقليم كردستان العراق بأن الإقليم هو ’منارة لحرية الصحافة‘، ولكنه ليس سوى ادعاء مثير للسخرية بالنظر إلى قمعها لحرية الصحافة ومضايقة الصحفيين وترهيبهم ومحاكمتهم، وخاصة أولئك الذين كتبوا عن مزاعم الفساد، وانتقدوا تعامل السلطات مع القضايا الاجتماعية.

في 2023، سجّل مركز ميترو، وهو منظمة تعمل على حماية حقوق الصحفيين في إقليم كردستان العراق، 37 حالة اعتقال للصحفيين و27 حادثة تعرّض فيها صحفيون للاعتداءات والتهديدات والإهانات. ووفقًا لتوثيق منظمة العفو الدولية، احتجزت سلطات إقليم كردستان العراق أو استدعت في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 ما لا يقل عن 10 صحفيين بسبب عملهم الصحفي. ويقضي آخرون بالفعل أحكامًا بالسجن بعد خضوعهم لمحاكمات فادحة الجور.

وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى ثمانية صحفيين، وذوي صحفيين محتجزين ومحاميهم، واطّلعت على وثائق المحكمة المتعلقة بأربع قضايا ضد صحفيين محتجزين في إقليم كردستان العراق، وتحدثوا جميعًا عن العقبات التي تعترض حرية الصحافة في إقليم كردستان العراق.

الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة

يقضي الصحفي قهرمان شكري حاليًا حكمًا بالسجن لمدة سبع سنوات بعد خضوعه لمحاكمة سرية فادحة الجور. وكان قبل اعتقاله ينتقد تعامل السلطات الكردية مع الضربات الجوية التركية في إقليم كردستان العراق.

وقال شقيقه، زرافان شكري، لمنظمة العفو الدولية إنه في يناير/كانون الثاني 2021، اعتقلت قوات الأسايش، وكالة الأمن والاستخبارات الرئيسية التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق، قهرمان بعنف خلال مداهمة كسروا خلالها الباب الرئيسي لمنزله في محافظة دهوك وجرّوه من سريره.

واختفى قهرمان شكري قسريًا لمدة أربعة أشهر، إلى أن تلّقت عائلته مكالمة هاتفية من أحد عناصر قوات الأسايش يبلغهم بأنه محتجز في سجن زركا في مدينة دهوك. وعندما زارته عائلته لأول مرة في مايو/أيار 2021، أخبرهم قهرمان أن قوات الأمن ضربته بشكل مبرّح حتى اعترف بجرائم لم يرتكبها. وقال شقيقه: “كان خائفًا وأراد أن يتوقف الضرب”. كما أخبرهم قهرمان أنه لم يكن لديه تمثيل قانوني أثناء استجوابه. وقالت العائلة أيضًا إنها لم تعرف أن قهرمان قد اتُهم وحوكم إلا بعد صدور الحكم، عندما سُمح لهم بزيارته.

وكشفت وثائق المحكمة التي اطّلعت عليها منظمة العفو الدولية أنَّ محكمة جنايات دهوك أدانته بـ “الانضمام لحزب العمال الكردستاني والضلوع في أنشطة تجسس لصالحه وتبادل معلومات معهم”. ولم يُسمح له بالاستعانة بمحامٍ من اختياره يمثله أثناء المحاكمة، ولم يُمنح الوقت الكافي لإعداد دفاعه. وأخبر قهرمان شقيقه أنه لم يكن على علم بالمحاكمة حتى نُقل فجأة في سيارة أمنية إلى محكمة جنايات دهوك.

في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أيّدت محكمة التمييز إدانته والحكم عليه، حتى بعد أن أخبر قهرمان القضاة أن “اعترافاته” انتُزعت بالإكراه.

وقالت بيسان فقيه: “منذ لحظة القبض عليه، انتُهكت حقوق قهرمان شكري الأساسية انتهاكًا صارخًا، بما فيها حقه في محاكمة عادلة، فقد تعرّض للضرب، وأُجبر على الاعتراف، وحُرم من الاستعانة بمحام”.

وقال شقيق قهرمان، وهو صحفي أيضًا، لمنظمة العفو الدولية إنه تلّقى تهديدات متعددة تأمره “بإبقاء فمه مغلقًا” بسبب سعيه ومناداته بإطلاق سراح شقيقه. وأضاف: “غادرتُ [كردستان] لحماية عائلتي لأنهم عاشوا في خوف دائم من أن أتعرّض للاعتقال أيضًا”.

أما شيروان شيرواني، صحفي آخر ركز عمله على حقوق الإنسان وحرية التعبير وقضايا الفساد، فقد اعتُقل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021، واتُهم بعد أربعة أشهر مع أربعة صحفيين ونشطاء آخرين بتُهم زائفة بالتجسس وتبادل المعلومات مع حزب العمال الكردستاني. وشابت المحاكمة انتهاكات خطيرة للحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك مزاعم بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي لم يجرِ التحقيق فيها، والاعتماد على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب، ورفض السماح لمحامي الدفاع بالاطلاع على ملفات القضية في الوقت المناسب.

وكان من المقرر إطلاق سراح شيروان شيرواني في 9 سبتمبر/أيلول 2023، لكن محكمة جنايات أربيل وجهت إليه في 20 يوليو/تموز 2023 تُهمًا إضافية لا أساس لها من الصحة تهدف إلى إبقائه خلف القضبان. وحُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات أخرى. وقد علمت منظمة العفو الدولية أن تُهمًا زائفة أخرى قد وُجهت إلى شيروان شيرواني الذي ينتظر حاليًا المحاكمة بسببها.

مناخ مروّع للصحفيين

في حين حوكم عدد من الصحفيين وحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة، فقد عرّضت السلطات الصحفيين في معظم الحالات للمضايقة والترهيب، ما أدى إلى إسكات الأصوات الناقدة. وتعلم منظمة العفو الدولية بوجود ما لا يقل عن ثمانية صحفيين فرّوا من إقليم كردستان العراق في السنوات الأربع الماضية خوفًا على سلامتهم. عمل العديد منهم في وسائل إعلامية كان يُنظر إليها على أنها تنتقد السلطات وتتناول قضايا الفساد المزعومة في حكومة إقليم كردستان.

وقال أحد الصحفيين الذين تعاونوا مع شيروان شيرواني في قضايا فساد وأخرى اجتماعية، لمنظمة العفو الدولية إنَّ قوات “الأسايش” وقوات الباراستين، وحدة الاستخبارات في الحزب الديمقراطي الكردستاني وهو الحزب الحاكم في إقليم كردستان العراق، اعتقلته 11 مرة قبل فراره في 2020. وقال الصحفي إنه لم يرَ قط مذكرة اعتقال صادرة بحقه.

واختمت بيسان فقيه حديثها: “لا ينبغي لأحد أن يواجه المضايقة والترهيب لمجرد أدائه عمله الصحفي. يجب على حكومة إقليم كردستان العراق الإفراج فورًا ودون قيد أو شرط عن جميع المحتجزين لمجرد ممارستهم عملهم الصحفي. وينبغي للسلطات دعم حقوق الإنسان وحرية الصحافة، واتخاذ خطوات ذات مصداقية لخلق بيئة مواتية تمكّن الصحفيين من ممارسة عملهم بأمان وتسمح للناس بالتعبير عن آرائهم الانتقادية بحرية”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى